search
burger-bars
Share

في بلد مثل ليبيا مرّ بعهد طويل من الدّيكتاتوريّة والطّغيان، كان من الطّبيعي أن يتقوقع الشّعب حول نفسه. فالنظام القبلي والمناطقي كان حاجزاً بينه وبين من هم من قبيلة أو منطقة أُخرى. ففي ظلّ غياب الدّولة كراعٍ واحدٍ وقانونٍ واحدٍ يضمن الحماية والأمان لجميع المواطنين، من البديهي أن يتجزّأ المجتمع بحيث تبحث كلّ جماعة عن إطار تحتمي به، ويُشكّل لها غطاءً آمناً تجاه جماعات أُخرى تختلف عنها.

لكنّ معدن الشّعب الليبي الأصيل ظهر مُجدَّداً خلال أحداث السّنة الماضية، في اتّحاده مع بعضه لمقاومة الحاكم الظّالم المُتسلّط. لذلك على الشّعب الليبي أن يضع مصلحة ليبيا أولاً قبل مصلحة  القبليّة أو مجتمعه الصّغير. فالدّولة الجديدة والقانون كفيلان بحماية كلّ المواطنين بمختلف تنوّعهم القبلي والمناطقي. لذلك على الشّعب أن يثق بالدّولة وأن يتعاون معها بشكل كامل، كي ينصهر في بوتقة واحدة وهي شعب واحد لليبيا موحَّدة.

خطوات عمليّة للاستمرار في الوحدة:

1. قبول الآخر كما هو، كشريك في الوطن الواحد. فأنت وهو متساويان بالحقوق والواجبات.
2. عدم النّظَر إلى نقاط الضّعف في شريكك في الوطن أو إلى ما يُفرّقكما، بل إلى عُمق ومتانة النّقاط التي تجمعكما معاً، كمصلحة ليبيا ومستقبلها وتطوّرها.
3. وضع المصلحة العامّة قبل المصلحة الخاصّة.
4. المحافظة على التّنوّع الموجود في المجتمع الليبي الذي هو غِنىً له، فمن غير الصّحّي أن يكون التّنوّع مدعاةً للتّحزُّب والتّقوقع في مجموعات صغيرة.
5. ممارسة النّقد البنّاء حقٌّ مشروع للجميع، وهذا يتضمّن قبول الآخر عندما يمارس حقّه بنقدك شخصيّاً.
6. الحريّة تعني المسؤوليّة، وليس عدم الانضباط والإساءة للآخرين والممتلكات الخاصّة والعامّة. فكلّ مواطن هو مسؤول، لذلك يتصرّف على أساس هذا الأمر بحريّة.

قوّة أساسيّة للعيش بمنطق المجتمع:

لو نظرنا إلى كلمة "إنسان" وإلى مصدرها "أُنس" سنعرف أنّ الله اختار أن يخلق هذا الكائن بطبيعة اجتماعيّة، بمعنى أنّه لا يستطيع أن يعيش بمفرده، بل يجب أن يكون ضمن جماعة. فالنّظر من هذا المنطلق الإلهي للأمر يساعد كثيراً في انخراط الإنسان في المجتمع بطريقة أفضل ومبنيّة على أساس قوي وهو خطّة الله للإنسان.
  أساس آخر وضعه الله منذ خلق الإنسان، وهو أنّ كلّ إنسان هو محبوب ومقبول عند الله. وعلى هذا الأساس يترتّب أمران هامَّان:
1. إنّ كلّ إنسان يحصل على قيمته الأساسية، في من هو في نظر الله بالإضافة إلى قيمته في المجتمع، لذلك دوره في المجتمع لكي يساعد، وليس لكي يحصل على قيمته منه. فالإنسان يكبر أكثر إن عرف أنّ له مكانة عند الله وهو مخلوق لغاية معيّنة في فكر الله.
2. ليس لأيّ إنسان الحقّ في أن يمتاز عن أيّ إنسان آخر من جهة الحقوق والواجبات، لأنّ كلّ البشر متساوون في نظر الله. وهذا ما يعطي الإنسان تواضعاً أكثر بدل التّكبّر الذي يقود إلى التّسلّط على الآخرين.

الخلاصة: 

بناء المجتمع يتوقّف على الخطوة الأولى الإيجابيّة التي سأقوم بها أنا كفرد. فالمبادرة هامّة جدّاً، لأنّها تُعبّر عن ثقة بالآخر وإيمان عظيم بالله أنّه قادر أن يستخدمني في حياة الآخرين. فلنتقدّم بثقة نحو شريكنا في الوطن مُعتمِدين على أنّنا مقبولون في نظر الله وأنّنا سواسية أمامه تعالى. 

 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads
دردشة
تم إغلاق هذه الدردشة

تحميل تطبيق "الإيمان والحياة"

Android
iPhone